Tuesday, July 30, 2013

النعمة والنقمة

بسم الله الرحمن الرحيم

إبراهيم عنده مبدأ غريب ، مبدأ اللاوسطية ، يا إاما الزيادة او النقصان. دائما يبحث عن شيئ يجعله مشغول وسعيد في نفس الوقت. بدأ يقضي اوقات فراغه في مشاهدة مباريات كرة القدم. اولا لقطات بعد المباراة ، ثم شوط واحد فقط ثم مباراة كاملة ثم كل اسبوعين يشاهد مباراة الى ان اصبح مدمن كرة قدم ويشاهد اي مباراة ملعوبة في اي وقت وفي اي بطولة! .... بعد مدة طويلة تقريبا بعد سنتين ، ابراهيم وصل لمرحلة الممل من مشاهدة المباريات. بدأ يبحث عن هواية اخرى. جرب يخرج مع اصدقائه ويضيع وقته في لعب البلوت او المعسل ، في البداية استمتع جدا معاهم واحس انه هذي هيا الاشياء اللتي سيتجعله سعيدا دائما. ثم بدأ بالملل من التكرار. وهكذا ابراهيم دائما يبحث عن هوايات واستمر على هذا الحال. الى ان جرب معظم الاشياء و بدا يحس بالتعاسة لانه لم يجد اي شيء يسعده من قلبه. كانه كل مايجد نعمة تجعله سعيدا تتحول فجأة الى نقمة واصبحت حياته كلها نقمة بالنسبة له. بدأ يتوجه للبحث وقرائة الكتب عن حالته او كيفية الحصول على السعادة. بدا يقرا ويقرا ويقرا. و نفس المشكلة استمرت معاه ، متعة واحساس بانه هو الحل و الطريق الدائم للسعادة  ثم ممل من التكرار. بعد الفشل في جميع المحاولات ، إبراهيم استجمع قواه وتحدث الى زوجته.

-مااقدر انسبط. كل حياتي نقم. 

-ليه؟
-كل مااحصل شي يبسطني امل واطفش منه.
-انت في نعمة بس ماتعرف.
-كل الناس يقولوا لي كدة ومني فاهم هذي العبارة.
-مع الوقت حتعرف.



 ثم في يوم من الايام ، إبراهيم و هو يسوق سيارته تعيسا  وصل لمنزله ودخل البيت. لكنه نسي ان محفظته في السيارة. و في صباح اليوم التالي وهو ذاهب الى عمله اتفاجأ انه سيارته مكسور زجاجها و محفظته مسروقة.( جميع بطاقاته كانت في المحفظة) اتصل مباشرة بالاحوال المدنية واخذ موعد معاهم و اتصل على البنك ليخبرهم ان بطاقته انسرقت ولكن الحرامي كان يعلم الرقم السري و كان  مراقب ابراهيم عن قرب.  وتفاجأ ابراهيم بانه تم سحب جميع الاموال من حساباته الشخصية.! انصدم ابراهيم وكان الخبر عليه كالصاعقة اللتي جعلته يتصلب مكانه ولا يعلم ماذا يفعل بالضبط. بدأ ابراهيم يستلف من اقربائه و يسالهم المساعدة الى ان ازعجهم و بدؤوا يتجنبونه. إبراهيم احس بطعم  النعمة اللتي كان فيها و اللتي تحولت لنقمة حقيقية.و بعد شهرين من حادثة السرقة ، تفاجأ إبراهيم بانه تم تحويل جميع المبالغ المسروقة الى حسابه بل و اكثر مما سرق!. فرح جدا و سجد لربه شكرا. وبعد ان سدد جميع الديون اللتي عليه اصبح اكثر وعيا في ادارة ماله. وفي يوم عطلته ذهب هو وزوجته ليتناولو العشاء في مطعم فاخر. و بعد العشاء ، وهم في السيارة راجعين الى منزلهم...


-اقولك سر ؟

- انا عارف اسراركم كلها عن الحريم اللي تعرفوهم ، هذي اتطلقت هذي حامل هذي مدري ايش.
-هههههه لا لا منجد منجد والله سر خطير ، بس اهم شي تتقبلو بنفس طيبة.
- الله يستر منك ، و اكيد اي شي منك ح اتقبله بنفس طيبة جدا .
-طيب....... 
-ها  طيب قولي اش السر؟
-السر انه انا اللي سرقت فلوسك ، بس قبل ما تقول اي شي خليني افسر لك.
-كيف ؟!!!!! منجدك انتي ؟؟؟؟ اش سويت لك انا عشان تتعبيني كدة ها ؟!
- طيب شوف اولا انت قلت حتتقبله بنفس طيبة. وثانيا  تعبت معاك وانا احاول افهمك انك في نعمة و حاولت اخليك مبسوط بس ماقدرت لانك انت منتا عارف كيف تبسط نفسك اصلا!، انا سرقت فلوسك عشان تحس بشعور النقمة الحقيقي ، وتحس بالتعاسة صح ، وتقدر الاشياء الموجودة اللي عندك. فهمت و سامحتني؟
-ممممممممم   والله كلامك صح و لو خالفته اكون عبيط بس ليه كدة ؟ شهرين يامفترية ؟
- والله لازم عشان تحس بالنعمة تجرب تعيش في نقمة حقيقية  ، عشان كدة انا طولت المدة عشان تنضرب صح و تحس فعليا ، ولا تنسى اني وفرت لك فلوسك و زودت لك عليها كمان ، مو قلتلك انت في نعمة بس ماتعرف ، عرفت دحين؟
- ااااه اي والله عرفت.
- طيب تسمح لي بسؤال؟
- كمان ؟! اتفضلي.
- ممكن تقولي اش اللي فهمته واستفدته بالضبط من الشهرين اللي راحو؟
- مممممم ، فهمت انه احنا كلنا في نعمة كبيرة الحمدلله ، و اذا ابغا اعرف قد ايش ربي منعم عليا ، بس افتح اي نشرة اخبار لدقيقتين واعرف النعمة اللي ربها منزلها عليا. الناس بيتحاربو في مصر وسوريا و انا الحمدلله في سلام وفي امن. صحتي طيبة وماعندي امراض ، عندي سيارة و بيت ملك يكفيني واهلي و وظيفة راقية و اهل وزوجة يهتمو بي وفوق هذا كله اقول نقمة!. فهمت انه السعادة و البسطة مو بالاشياء اللي حولي لكنها من جوفي ، اذا انا من قلبي مبسوط ، لو ان شاء الله حولي صحون وصخة راح اغسلها بنفسي وانا مبسوط! فهمت انه السعادة دائما تكون موجودة في ابسط الاشياء اللتي حولنا بس احنا ما نشوفها عشان بس نطالع في الشي الغير موجود.
- ااااااااااااااه اخيرا زوجي فهم ياناس. 
- ترا بس كدة قاعد احاول احمسك مافهمت شي.
-منجدك ؟!!
-لا لا والله امزح.
-الحمدلله

No comments:

Post a Comment