" من اليوم سأتغير، سأبدأ حياة جديدة واسلوب جديد، سأغير جميع
سلبياتي، سأكون شخص أفضل، شخص ناجح." عبدالله يردد هذي العباره بين كل فترة وأخرى.
التغيير هو تحول شيئ من حالة الى حالة
اخرى، ممكن تحول اثاث منزلك، لون سيارتك، التغيير له انواع، منها انواع بسيطة
وسهلة تفعلها دون ادنى تعب، وهنالك انواع معقدة وتحتاج الى سنين ليكتمل التغيير.
تغيير ملابسك، تغيير جوالك، تغيير رقمك، كلها امور سهلة و حسية و تحصل بمجرد ما
نبدل الشيئ. لكن التغيير الذي يريده عبدالله هو تغيير من نوع مختلف. صعب قليلا،
حصوله غير مضمون و السعادة بعد حصول التغيير غير مضمونة. تغيير التفكير، تغيير
الاسلوب، تغيير الطبع، تغيير العادات و تغييرات كثيرة مثل هذه تكون مرتبطة بشخصية
الشخص نفسه و تحتاج الى وقت وجهد للحصول عليها. لكن هل فعلا البشر يحتاجون هذا
التغيير؟ عبدالله بدأ يستائل:"
هل هذا التغيير سيساعدني؟ هل سأكون سعيد بعده؟ هل حقاَ سأترك عاداتي؟ هل فعلا سأتغير للافضل؟ وهل فعلا انا احتاج هذا التغيير
ام لا؟" تساؤلات منطقية و يحتاج الى اجوبتها لكنه لايعلم ماهو
الجواب الصحيح، عبدالله يعلم ان لديه عادات سيئة و لديه امور يتمنى ان يغييرها
للاحسن مثل ان لايكذب على الناس و على اهله عند خروجه، مثل ترك سماعه للاغاني
وامور اخرى شخصية عبدالله نفسه لايفضل ان تذكر في القصة.
حاول عبدالله، وضع جدول لتسجيل ايامه اللتي
مرت دون سماعه للاغاني و لم يكذب فيها. بدأ يسجل يوميا في الجدول اذا سمع اغنيه او
لا و إذا كذب على احد ام لا. استمر في التسجيل لمدة اسبوعين، ثم بدأ يشتاق اكثر
للاغاني، و بدأ يسمع وقال في نفسه فقط اليوم اخر يوم احتاج ان اسمعها لكي ابعد عن
نفسي ضغوط الحياة، وسجل في جدوله انه سمع اغنية، ثم اليوم الثاني جاهد نفسه ولم
يسمع اي اغنية، لكن عبدالله طالب بالجامعة ومنزله بعيد عن الجامعة، يسلي نفسه
دائما عنده قيادته للسيارة عن طريق سماعه
للاغاني، الان اصبح يستمع للقران الكريم او احيانا لا يسمع اي شي. لكنه بدأ يلاحظ
انه ينعس في قيادته عندما لايسمع اغاني، لان الطريق ممل و جسمه مرهق ومنزله بعيد.
فقرر عبدالله ان يلغي فكرة عدم سماع الاغاني من عقله و اقتنع بان التغيير لن يفيده
بل قد يضره و يسبب له حوادث لا سمح الله على الرغم من ان سماع الاغاني حرام.
إذن عبدالله توصل لقناعة وهي بأنه لن يتغير
الا اذا كان فعلا يريد ان يتغير. وبالنسبة للامور و العادات السلبية فيه فقرر ان
يبقيها، يحاول ان يقللها قدر الامكان لكن لن يتركها. التغيير يحتاج الى نيه و عزيمة
صادقة وقوية جدا. لاحظ انه بعض الاحيان عندما يقول سوف أتغير يخادع نفسه، يقول سوف
أتغير و يردد هذه العبارة و يخبر الناس عنها لكنه يعلم في قناعة نفسه انه لن يتخلى
عن عاداته و لن يتغير، حتى اذا توقف لفترة عن عاداته...سيعود لها بشرهة اقوى من
قبل.
لكن التغيير جزء من الحياة البشرية، نعلم
اننا تغيرنا فعلا عندما يصبح هاجس التغيير مجرد شيئ عادي، وتصبح الحالة اللتي كنا
نتمناها قبل ان نتغير هي الحالة الطبيعية لدينا و نفعلها دون تكلف او جهد. بأن
تصبح الحالة اللتي نتمناها هي عادة يومية لدينا ونفعلها دون وعينا لفعلها. هنا
يمكننا القول بأننا قد تغيرنا. عبدالله تغير فعلا، لكنه تغير بعد ان عزم النية، و
توصل لمرحلة بأنه لايستطيع ان يكمل حياته بوضعه الحالي ويجب ان يتغير. بدأ يبحث عن
طرق التغيير و عن وسائله ثم طوّر ماتعلمه و كان يبذل كل جهده في عملية التغيير، الى ان توصل لمرحلة القناعة
و رضي بعملية التغيير اللتي اجراها.
يروادنا سؤال مهم...ماهي الفترة اللتي قضاها
عبدالله في عملية التغيير؟ يوم؟ شهر؟ سنة؟ عقد؟ ...عبدالله تغير خلال سنة ونصف
كاملة، احتاج سنة ونصف من التوتر و عدم الاستقرار و تناقض الافكار ثم بعدها توصل
لمرحلة شبه مستقرة و رضي بما توصل اليه من تغيير في سلوكياته. أصبح لايسمع اغاني
الا وقت الحاجة الملحة لها. أصبح لايكذب من تلقاء نفسه و يقول الصدق اغلب الاوقات.
ايضا غير طرق تفكيره ونظرته للامور السلبية و لاحظ ان بعض الامور اللتي كان يراها
بشكل سلبي هي في الحقيقة ساعدته لوصوله لهذه المرحلة المقنعة من الاستقرار. شكر كل
من ساهم في مساعدته لاتمام عملية التغيير، ولاحظ ان اشخاص كثيرين جدا ساعدوه في
العملية بصورة او بأخرى و باختلاف حجم المساعدة و اهميتها.
أغلب محاولاتنا في التغيير تنتهي بالفشل،
وهذا يحبطنا بشكل كبير، نحاول ان ننجح لكن من اول فشل نترك العملية بكبرها و نرضا
بالواقع، التغيير يتطلب الفشل! البشر يفشلون، من لايفشل هو عبارة عن شخص
منعزل في غرفة يوجد بها ماء و هواء وسرير فقط، هذا الشخص دائما ناجح و الفشل
مستحيل بالنسبة له، لكن الاشخاص الحالمين، اللذين يبحثون عن تحقيق اهدافهم حتما
سيفشلون بشكل او باخر، وهذا الفشل ليس الا مفتاح للنجاح وخطوة اقرب له، سنفشل
المرة الاولى و نتعلم اسباب الفشل و نتجنبها، ونفشل للمرة الثانية ولكن بأسباب
مختلفة ثم نتعلمها و هكذا. في كرة القدم...الفرق مكتملة الصفوف تفشل، في تصنيع
السيارات هنالك سيارات تفشل في عملية التصنيع و يتم اعادة صناعتها في أكبر شركات
السيارات العالمية، في كل شيئ في الحياة هنالك فشل، لكن مايهوّل هذا الفشل في داخلنا هو نظرتنا له،
ننظر له كأنه عار، او كاننا لانتقن فعل الامور، بينما في الحقيقة هو مجرد نتيجة
لسلسلة من الاسباب اللتي ادت اليه و اللتي نحتاج ان ندركها ونتفادها في المرات
القادمة.
أحد اسباب فشلنا المؤثرة والمنتشرة بيننا
هي الهموم والضغوط، نخاف من المستقبل و من الفشل، ونضع هموما فوق همومنا و نحملها
معنا و نتنفسها، نغذيها من سلبية تفكيرنا البشري، لكن في الحقيقة هذه الهموم هي
هموم وهمية، ليس لها اي حقائق، نخاف الفشل ولكن لنتسائل...هل مر علينا يوم وفشلنا
فعلا فيه؟ اغلب الحالمين ستكون اجابتهم لا، او نعم ولكن بنسبة فشل بسيطة جدا و
لاتذكر مقارنة بإنجازاتهم، إذن لماذا هذا الخوف والهم؟ لماذا هذا الضغط اللذي نحن
في غنى عنه؟ الضغط اللذي يولد توتر وهذا التوتر يأكل طعامنا ويسرق لذته، و يتنفس
هوائنا ويسرق رائحته العطرة واللذي يسرق وقتنا و سعادتنا و تأثيرنا في الحياة و
يجعل منا أشخاص مضطربين و حائرين.
لنقتنع ان هذه الافكار هي اضغاث افكار، ليس لها
سلطان علينا ولاحول لها ولاقوة مقارنة لانجازاتنا الصغيرة او الكبيرة، المعروفة و
الغير معروفة، لنعطي كل ماعندنا في عملية التغيير واذا فشلنا في خطوة لايعني اننا
فشلنا في عملية التغيير ككل، و لناخذ هذا الفشل كحافز لعودتنا بشكل اقوى و لجعلنا
اكثر دقة في إكمال عملية التغيير اللتي نتمناها.
قبل ان يصل عبدالله لمرحلة الاستقرار من
التغيير، قرأ مثل الكلام الذي في الاعلى كثيرا لكنه لم يساعده في التغيير بشكل
كامل ولم يعطيه الاستقرار اللذي يتمناه عند قرائته للكلام، كان يحاول تطبيقه و لكن
مع اول فشل يترك العملية و يبقا كما هو، لكن بعد سنة و نصف ادرك عبدالله ان الكلام
هذا ومثله من المقالات هو عامل مساعد لاكمال عملية التغيير، عامل مساعد مثله مثل
نصيحة من احد زملاءه أو جملة قرأها في مكان أو أو أو...كل هذه الامور هي عوامل
مساعدة لاكمال عملية التغيير.
عبدالله: خائف من اخبتار غدا..
ماجد: اترك الامور لربنا
وسيسهلها لنا باذن الله.
عبدالله: الست متوتر؟
ماجد: بالطبع لدي مخاوف لكنها
ليست المخاوف اللي تعطلني وتقتل متعتي.
عبدالله: كيف تتعامل مع هذه الهموم
والمخاوف؟
ماجد: اتعامل معها بحيث انني اشعر
عند تكتل الهموم فوقي و عندما يتراكم الخوف حولي بأن لي اهمية في الحياة، اكره ان
اكون عاطل عن العمل وبأن ابقى في منزلي دون عمل شيئ، افضل لضغط على الراحة، الفراغ
الكبير يجعلني اكتئب ويقتل متعتي. لذلك
ياصديقي ان سألتني ماهي حالتي في هذه الفترة سأقول لك...نعم انا مضغوط لكن لدي هدف
واضح حاليا، لدي مسؤولية و أنا متأكد بأن هذه الايام ستحدد يوما ما من اكون وكيفية
تعاملي مع ضغوط اكبر منها في المستقبل، باللأضافة ان هذه الضغوط ستبعد الاكتئاب
عني و تغلق عليه الابواب.
عبدالله: ممممممم، فكرة جميلة، اتفق
معك بأن هذه الضغوط ستحدد من نحن، و دائما يجب ان نؤمن ان ربنا معنا وأن بعد العسر
يسرا.
ماجد: ونعم بالله.
عبدالله: شكرا ياصديقي وربي
يوفقك ان شاء الله.
ماجد: اجمعين ان شاء الله.
هذه المحادثة كانت من اهم الملاحظات اللتي
استخدمها عبدالله في عملية التغيير و في تعامله مع همومه بأن يخرج منها دون صعوبات
او مشاكل.
اعتراف: الكلام المكتوب في كل قصصي ليس من الضرورة ان يكون مبادئي او وجهة نظري، هو مجرد كلام اعجبني و حبيت ان اشاركه معكم، كلام تعلمته من تجارب واشخاص و كتب وامور كثير غيرها، بعضه نسخته او اخذت نفس فكرته لكني غيرت محتواه.
قصه جميله
ReplyDeleteمره حلوه القصه ..
ReplyDeleteفعلا التغيير صعب و يحتاج لصببببببر و عزييمه
وانا اقرأ القصه تذكرت اشياء في نفسي قدرت اغيرها ، واشياء فشلت في تغيرها .. بس زي ما كتبت التغيير يحتاج لفشل !
عجبتني القصه مره و عجبني كيف انها تتكلم عن حال كل واحد نفسه يغير شي في نفسه.
نستنى جديدك ♡