Friday, October 24, 2014

صالح وصديقته


صالح يعتقد انه يقدر ان ينجح في الأشياء الغير متعلقة او مرتبطة بأحد الا به، لذلك هو لا يهتم بهذه الأشياء كثيرا، يهتم و يعتني بعلاقاته مع اصدقائه لانه يعتبرهم اخوانه و هم من سيساعدوه خلال ازماته لان اسلوب حياتهم مثله و مقدرين مشاكله و ازماته بشكل كبير، صحيح ان اهل صالح مهتمين بصالح لكن تظل هنالك مشاكل لا يستطيع حلها الا اصدقائه، وهو شاكر ربه وممتن له للابد لرزقه بأصدقاء مميزين و رائعين مثل اصدقائه. 

صالح عنده مبدأ وهو هو عدم تكوين علاقات مع الفتيات، صالح لديه عدة اسباب لهذا الشي وهي:
1- حرام
2- يفتح لنفسه باب لاوجاع الرأس و الهموم اللتي هو في غنى عنها. 
3- احتمالية كبيرة لتضييع فلوسه على فتاة  بالشحن لها او الخروج معها وممكن في الاخير ان فتاة تتركه و تستغله.  
4- مره ثانيه ان هذا العمل حرام.

وفي يوم من ايامه العاديه، قرر صالح ان ينشئ موقع تواصل عربي يتناسب مع ديننا و عاداتنا، لكن قبل ان ينشئه كان يحتاج معلومات من الناس لكي تساعده في معرفه احتياجات ورغبات الناس
في مواقع التواصل الاجتماعية، كان يحتاج ان يعرف أكثر عن احتياجات الفتيات في المواقع، لهذا السبب كلم صالح اخته و بدأ يطلب منها ان تبحث من صديقاتها عن اي احد مستعد لمساعدته، اخته وجدت صديقه من صديقاتها مستعده، اتواصل معاها صالح وبدأ ياخذ منها معلومات عن احتياجاتها و مشاكلها و اقتراحاتها لمواقع التواصل الاجتماعي، مبدئيا صالح يحتاج احد يساعده لموقعه، ولمياء (صديقة اخته) كانت تبحث عن احد يساعدها في حياتها الخاصة ويعطيها ثقة اكبر في حياتها. 
بدأوا يتواصلوا أكثر مع بعض، وبدات علاقتهم، تتحول من علاقة عمل الى اصدقاء، لكن صالح لم يستوعب هذا التحول، ولاحظ ان لمياء تشغل وقت كبير من يومه والمشكلة الاكبر انها تشغل جزء كبير من تفكيره، حاول ان يتوقف عن التواصل معها لكن عقله اللاواعي من الناحية الفلسفية يفكر لا اراديا بها و يخترع مواضيع وأفكار بشكل مستمر للتواصل معها، صالح لايعرف سبب هذا الشيء لكنه يعتقد ان السبب هو وقت فراغه الكبير و حاجته لوجود شخص يتواصل معاه ويشاركه حياته اليومية، من الناحية الثانية لمياء وقت فراغها كبير ومثل صالح عقلها يفكر في صالح بشكل كبير.


الفرق بين الرجل والمرأة هو الفرق بين لمياء وصالح، الرجل غالبا لا يستطيع كبت مشاعره وعجول في حياته وعلاقاته، المرأة لديها مقدرة خارقة -ماشاء الله-، تستطيع كبت مشاعرها حتى لو كانت بحاجة شديدة للتواصل مع شخص اخر، تحاول دائما ان توفر مشاعرها وهمومها واحساسها لشريك عمرها بالرغم من انه من الممكن ان يكون شريك عمرها لا يهتم بمشاكلها كثيرا، وهذا الشي طبيعي لان البشر ببساطة مختلفين، المرأة الذكية غالبا تحاول ان تكون مستقلة بذاتها و تكون معتمدة على نفسها ولا تحتاج لأحد، وبعض البشر لايحب ان يشارك مشاكله وهمومه مع احد حتى لو كان شريك حياته. 
صالح لديه مبدأ مختلف قليلا عن مبدأ توفير المشاعر، صالح يعتقد ان السعادة تكمن في استغلال اللحظات الحالية وعدم الانتظار والتاخير، لان الحياة غير مضمونة وممكن في اي لحظة ربنا ياخذ روح الانسان، لذلك احيانا يستعجل صالح في بعض امور حياته المتعلقة مباشرة بسعادته. 
مبدأين مختلفين ولكل منهما أدلة بأنه هو المبدأ الصحيح، ولكن هذا هو المميز في البشر، الاختلاف لا يكون مضاد ولا عكس التيار ولكن يكمل بعضه ويعطي كل شخص رونقه واسلوبه الخاص فيه.

بعد فترة من التواصل، صالح انتهى من مشروعه و كان يتمنى ان لا ينتهي لانه يعرف ان نهاية مشروعه تعني نهاية علاقته بلمياء. 
- شكرا على وقتك ومع السلامة.  
ارسل لها صالح هذه الرسالة و بعدها حذف اسمها من المحادثات لينساها، و بعد ساعة تقريبا ردت عليه "عفوا وبالتوفيق للجميع". حذف المحادثة مرة اخرى بعد رسالتها. مرت الايام وصالح لازال يفكر فيها. يحاول ان يرسل لها لكن عقله يمنعه. يقول في نفسه "لو أرسلت لها يعني  اني احتاجها وانها هي المسيطرة" و من الناحية الثانيه يقول "ممكن هي تفكر نفس تفكيري و تنتطر رسالة مني"

صالح يريد علاقة شبه خيالية، يريد ان تكون علاقة حبه متبادلة ويريدها بأسرع وقت، بعد ماكان يكره تكوين علاقات، الان جربها بنفسه ولاحظ انها تعطيه شي من الأمان والطمأنينة والثقة بالنفس، احساس جميل عندما تشعر ان شخص في هذا الكون مهتم بك، و يريد ان تعطيه من وقتك و يتمنى ان يتواصل معك اكثر. 

أصبح صالح تائه ولا يعلم اذا كان من الأفضل ان يتواصل مع لمياء او تركها و البحث عن غيرها، يبحث عن فتاة جديدة وتكون علاقتهم من البداية مبنية على الصداقة وليس العمل، بدأ يفكر عن طرق للتواصل مع اي فتاة لكن هتذكر ان هذا الشيئ يتطلب وقت كبير وغير مضمون ابدا، بالإضافة انه من الممكن ان يتعرف على فتاة لا تناسب طموحه. اخيرا، صالح قرر بأنه اما ان يكمل مع لمياء او ان يقفل هذا الباب و يعود لروتينه القديم.

صالح اكمل أيامه ينتظر رسالة او اي شيئ من لمياء، كل مرة يهتز او يرن جواله يقفز و يعتقد بأن الاتصال منها لكن يكتشف ان الاتصال من اهله او اصدقائه وتموت الفرحة الوهمية، وبعد اسبوعين من اخر تواصل بينهم اهتز جوال صالح و اخذه بدون مبالاة ليرى اسم المرسل، الا انه اكتشف ان الرسالة من لمياء!

- سلام عليكم كيف حالك صالح؟ اردت فقط ان اتطمن عليك واتاكد ان المشروع بخير. 

تفاجأ صالح من الرسالة و اصبح مباشرة سعيد جدا ثم ارتبك قليلا ليفكر في رد مناسب لها، في داخله يقول "انا مشتاق لكي واحتاجك اكثر في حياتي" ولكن من الخارج سيقول "الحمدلله بخير و كل الامور على مايرام".
بدأ يخاف من المستقبل،  لانه يخاف من فقدان شخص مقرب جدا و لايحتمل فقدانه، لكن صالح كان في الماضي يخاف من هذا الشيئ مع اصدقائه المقربين ثم بعد فترة اصبح لديه خبرة كافية في الخوف من المستقبل، تعلَم ان لكل شخص يتعرف عليه وقت و زمان خاص فيه، و تعلًم ان العجلة في العلاقات غالبا لا تثمر بفائدة كبيرة على الطرفين. و أخيرا تعلم ان ربنا مهيأ لنا كل شيئ و ان الاصدقاء و البشر مهيئين من ربنا و بعضهم نعمة علينا من ربنا واجب ان نشكر ربنا عليهم وعلى تعرفنا بهم، "الحمدلله، يجب ان اترك الامور لربي لانه يعلم بحالي و بالتأكيد كاتب لي افضل اشخاص باذن الله".

 رد عليها اخيرا ب:" مرحبا، انا الحمدلله بخير وكل اموري على مايرام، انتِ كيف حالك ؟"
مباشرة ردت عليه:" الحمدلله انا بخير وسلامة"
"لا أحتاج الى تصنيف علاقتنا، اذا حاولت ان اسعدها سأكون انا سعيد ايضا، لذلك اريد ان استغل فترتي معاها واكون سعيد من خلال ادخال السعادة عليها، لكن في نفس الوقت يجب ان لا اظهر لها اي مشاعر خاصة، اذا اظهرت هذه المشاعر فهناك مخاطرة كبيرة بأن تتركني او ان تستغلني في اسوأ الاحوال"
لمياء: " ممكن اتعرف اكثر عليك؟"
-         بالتأكيد
-         شكرا، اول سؤال لماذا تخصصت في هذا المجال؟
هذا السؤال اصبح عادة في المحادثات، سؤال لايوجد هدف منه سوا ان يكون هنالك موضوع لكي يتحدث فيه الطرفين، رد عليها صالح بالرد المعروف في العالم بأكمله:
-         انا أحب هذا المجال وأرى نفسي مبدع فيه
دون القول ان هناك اسباب كثير جدا تجعله يدخل هذا التخصص، منها اسباب اضطرارية مثل تلبية رغبات الوالدين، او ان المعدل لم يسمح الا بالدخول لهذا التخصص، او ان الجامعة لايوجد بها جميع التخصصات، او او او...، في النهاية صالح مثل باقي البشر، متخصص ولا يعلم اذا كان هذا التخصص مناسب له فعلا او لا.

لمياء اصبحت جزء من حياة صالح والعكس، يوميا يتواصلوا مع بعض و يتشاركوا احداث حياتهم، مشاكلهم، اغانيهم المفضلة، واشياء كثيرة اخرى ،بعضها غير مهمة ابدا لكنها تصبح مهمة عندما يكون الشخص نفسه مهم في حياة الطرف الثاني. صالح في هذه الفترة كان سعيد سعادة لاتوصف، لكنه يعلم في داخله ان هذه السعادة مؤقتة وممكن ان تنتهي في اي لحظة ويعود لروتينه القديم الممل.
خلال علاقتهم ببعض، احيانا لايرسل احدهما للاخر لرؤية من يتنازل عن هذا التغلي الوهمي و يبدأ بالارسال، وحتى عند التواصل احيانا احد الطرفين يترفع عن الرد لاختبار هل الطرف الثاني يرسل رسالة اخرى او لا، و اشياء اخرى غيرها لاتسمن و لاتغني من جوع يفعلوها فقط لكي ينام قلبهم براحة وطمأنينة بأن احد البشر يهتم لأمرهم، لكن في النهاية الاثنين لديهم معزة لبعض و اذا احتاجوا لشيء فعلا.. الطرف الاخر سيقدم كل مالديه للمساعدة.

بدأ صالح يفكر اذا بينه وبين لمياء حب ام مجرد علاقة عابرة، هل سيستمر في التواصل معها للابد ام سيتركها اذا تزوج، ام هل سيتزوجها!، افكار كثيرة تدور في خاطره، بدأ يبحث في الانترنت عن الحب، عن معانيه واساليبه، وجد تعاريف متناقضة، ونصائح متناقضة، وجد بعض من المقالات لاشخاص يؤمنوا بالحب، يؤمنوا بأنه اقوى من اي شيئ في العالم و انه سيحل جميع مشاكل حياتنا، و في نفس الوقت وجد مقالات اخرى لاتؤمن به ابدا، وتقول ان الحب لله فقط، وان البشر لايستحقوا هذه القوة المفرطة، و اخيرا وجد مقالات لاتؤمن به من الاساس وتقول انه مجرد خرافة مثل الاشياء الخارقة اللتي نراها بالافلام ومستحيل ان تحدث في حياتنا الحقيقية. ولكن ماذا عن الشعراء اللذين كتبوا في الحب؟ هل هو حقيقة ام مجرد خيال؟ وجد ايضا من يقول انها اوهام كتبها الشعراء و وجدوا اقبال من الناس فاستمروا في الكتابة عن الحب. لكن صالح لديه وجهة نظره الخاصة و هي انه يؤمن بهذا الحب، يؤمن بوجوده، يؤمن بانه قوة قوية جدا صعب على نيوتن ان يحسبها. الحب خالد، مستحيل ان يتم نسيان حب شخص معين، و يبقى الحب في القلب للابد مهما صار ومهما حدث لهذا القلب فهو لن ينسى حبه لشخص معين. صالح يحب لمياء و لا يكترث ان كانت تحبه او لا، لأن الحب يموت عندما يتحكم شخص بالاخر، ولن يخبرها عن حبه الى ان يجد لحظة مناسبة يستطيع فيها ان يعبر عن مشاعره بكل ثقة لانه يعلم في تلك اللحظة انها ستتفهم مشاعره وتقدرها.
صالح اتخذ قرار بأن يستمر مع لمياء، يعيش اللحظة ويترك المستقبل لوقته، يسعدها و يساعدها وتساعده، يتعلم كل منهما من الاخر. ادرك صالح ان الحب لايتوقف على شخص معين، بل هو طاقة خارقة تستطيع بها حب العالم كله بنفس القوة والمقدار ولكن باساليب مختلفة. ومن الطبيعي ان يحب الشخص انسان لمجرد انه انسان، دون ان يقدم له هذا الانسان اي مساعدات او اتصالات او اي شيء، ان يحبه لمجرد انه يحبه فقط. الحب لا يحتاج الى اسباب ومبررات، هو من يأتي من القلب وسببه القلب.
وفي احد محادثات صالح مع لمياء تحدثوا عن الحب وقالوا:

-         حكيني عن الحب...
-         عن اي حب؟
-         حكيني عن الحب نفسه.
-     الحب هو التضحية و الثقة العمياء و الغيرة المفرطة و التناقض و الجنون وغيره من اشياء كثيرة كلها مجموعة في كلمة واحدة...الحب.
-         اكملي.
-         الحب يعني ان تزعج وتضايق المحبوب وايضا ان تترك المحبوب على هواه. يعني الحقد المبطن بحب يتمنى كل الخير. يعني اللامبالاة و المراقبة في نفس الوقت.
-        يعني ببساطة الحب هو التناقض!
-         الحب ان تتعصب لشخص ولآرائه وتدافع عنه حتى وان كان على خطأ، من دون ان تعلم انك متعصب ومنحاز له.
-         صدقتي هنالك اشخاص اتعصب لهم لا اراديا ثم ادرك اني كنت متعصب لهم فوق المعتاد.
-          كلنا نمر بهذه الحالات.
-         طموحي ان تكون قصة حبي لشخص هي افضل قصة حب في العالم.

-         في الحب لا يهم ان تكون قصتك افضل قصة، المهم ان تكون اسعد شخص في العالم بهذا الحب.


اعتراف: الكلام المكتوب في كل قصصي ليس من الضرورة ان يكون مبادئي او وجهة نظري، هو مجرد كلام اعجبني و حبيت ان اشاركه معكم، كلام تعلمته من تجارب واشخاص و كتب وامور كثير غيرها، بعضه نسخته او اخذت نفس فكرته لكني غيرت محتواه. 

No comments:

Post a Comment